مستقبل ما بعد الاستعمار
Postcolonial Futurity
«المستقبل للأطفال»
‘The Future is for Children’



































إحياء التراث
Heritage Revived








































استعادة الفن والتصميم
Locating Art and Design




























مستقبل ما بعد الاستعمار
Postcolonial Futurity
رأى الكتّاب والمثقّفون الساعون إلى إحداث تغييرٍ ثوريّ في العالم العربي، أنّ بناء مستقبلٍ لما بعد الاستعمار يُحتّم العمل على مناهج تربويّة جذرية تطال كافّة البنى المعرفية والثقافية. هكذا تعاونوا على توجيه مهاراتهم لمخاطبة القرّاء اليافعين، وتحرير أدب الطفل لغويّاً ومعرفيّاً وعاطفياً وخيالياً. بموازاة ذلك، تخلّى الكتّاب عن محوريّة الأطر المعرفيّة الغربيّة، فزرعوا بذور التأسيس لمكتبةٍ واعدة تركِّز على تاريخ الفنّ والتصميم المحلييْن، إضافة إلى تقنيات الإنتاج الغرافيكيّة الحديثة والممارسات العمرانية المحلّية.
تحمل هذه الكتب في بعديها البصري والماديّ، طابعاً جمالياً آسراً مليئاً بالأمل، ولا يزال يحمل تأثيراً سياسيّاً حتى اليوم، كونها كانت مليئة بإيمانٍ طوباوي يُعبّر عن العصر الذي صدرت فيه.
«المستقبل للأطفال»
‘The Future is for Children’
باستلهامه عنوان من سلسلة كتب أطلقتها «دار الفتى العربي»، يعرض هذا القسم كتباً مصوّرة مميّزة من تلك الفترة التي بدأ فيها القرّاء العرب الناشئون يلقون اهتماماً لافتاً من قبل الناشرين، خصوصاً مع ظهور دور نشر مكرّسة للأطفال، مثل المشروع الطليعي والمميّز لـ «دار الفتى العربي» الذي انطلق من بيروت عام 1974 وأمسى اليوم إرثاً رياديّاً في هذا المجال.
بموازاة ابتعادهم عن ترجمة كلاسيكيات الأدب الغربي، أبدى الناشرون اهتماماً تربويّاً جدّياً لتطوير كتب أدب الأطفال ورسوماتها، لتلائم متطلّبات الطفل العربي اجتماعيّاً ولغويّاً وجماليّاً. الكتب المصوّرة التي أصدرتها «دار المعارف» في القاهرة تُعدّ واحدة من التجارب الرائدة في هذا المجال، وهي تحمل توقيع فنّانين بارزين مثل حسين بيكار الذي ترأّس حركةً فنّية تُعنى بتأليف كتب الأطفال المصوّرة لتحاكي واقعهم المحلّي الحديث. هناك جيل لاحق من الفنّانين ممّن تتلمذوا على يديه في كلّية الفنون الجميلة في القاهرة، قاموا باستكمال جهوده خارج مصر، منهم إيهاب شاكر ومحيي الدين اللبّاد ونذير نبعة. تولّى اللبّاد بصورةٍ خاصّة الاشراف على الإخراج الفنّي لـ «دار الفتى العربي» خلال سنوات تأسيسها في بيروت بين عامي 1974 إلى 1976. وانطلاقاً من تجربته هذه، أسّس «الورشة التجريبية العربية لكتب الأطفال» في القاهرة كمنصّةٍ مستقلّة، واصل من خلالها استكشافاته الجمالية المناهضة للاستعمار، وإرساء شبكات تعاون بين الرسّامين العرب.
ومن خلال التقاطع المرح والنقدي بين الكلمة والصورة، تعرّف القرّاء الصغار على مفاهيم كُبرى مثل الوطن والأمل والعدالة الاجتماعيّة والحرية والتضامن، إضافةً إلى تعلّم كتابة الحروف الهجائية والأرقام والألوان دون الإشاحة عن القضايا السياسيّة الصعبة.
إحياء التراث
Heritage Revived
أُتيحت للمراهقين فرصة قراءة القصص الشعبيّة وتاريخ الإسلام والعلوم عند العرب، برفقة رسوم ملوّنة وتصاميم حيويّة تستحضر مواضيع التراث المحليّ بطرقٍ حديثة وتدعو إلى التفاعل معه بمرح. بصريّاً، أرست هذه الكتب المصوّرة أشكالاً إبداعيّة وخياليّة لمعاني الانتماء والهويّة لدى الجيل العربي الناشئ. كما أنّها حرصت على التباهي بالهويّة الثقافيّة العربيّة وبتاريخها وبإرثها الأدبي، أكان ذلك في الرسوم التي تتضمّنها أو في تصميمها النهائي وتعبيرها الجمالي، بعدما كان هذا الإرث غائباً (إن لم يكن يتمّ الانتقاص من أهميّته) عن ترجمات كتب الأطفال الأوروبية وعن نماذج التعليم الاستعماريّة السائدة آنذاك.
استعادة الفن والتصميم
Locating Art and Design
لم يكن مستغرباً أن تؤدّي الهموم التحرّرية في مجالَي الفنون والمناهج التربوية حينها، إلى ظهور كتب تعليمية تُعنى بالفن العربي، وبالعمارة والتصميم الغرافيكي. كتبٌ قدّمت التاريخ الفني العربي ووثّقت للممارسة المعاصرة، كما نشرت المعارف المُستمدّة من المخزون المحلّي، وطوّرت أدوات تربوية تتلاءم مع الحاجات المحلّية من جهة، ومع الأطر التكنولوجية الحديثة من جهةٍ أخرى.
أبرز هذه الأعمال هي السلسلة الفنيّة التي أصدرتها وزارة الإعلام العراقية بداية السبعينات، ومنشورات «دار المثلّث» في بيروت نهاية السبعينات، و«كشكول الرسام» لمحيي الدين اللباد الذي يعدّ الكتاب الأوّل في سلسلة مؤلّفات صمّمها وكتبها بتأنٍّ، واكتنزت رؤيته التحرّرية والتزامه تجاه الأجيال اللاحقة. وإنْ كُتب لهذه المشاريع أن تستمرّ لفترةٍ وجيزةٍ، إلّا أنّها أنتجت مجموعة فريدة من الكتب التعليمية للفنون والتصميم.
شكّلت هذه المؤلّفات نواة مكتبةٍ واعدة، حيكت بعناية لتخاطب تطلّعات المصممين والفنانين والمعماريين، ولتعكس رؤية واضحة وثابتة: بناء مستقبل عربي تقدّمي ومتحرّر، عبر إثراء المعرفة والإبداع، وإحياء الهوية الثقافية العربية.